اخبار وتقارير

الأربعاء - 06 أغسطس 2025 - الساعة 10:14 م بتوقيت اليمن ،،،

الرؤية الجنوبية/ متابعات

شهدت محافظات الجنوب خلال الفترة الأخيرة حالة من الارتياح الشعبي الواسع، مدفوعةً بمؤشرات اقتصادية إيجابية كان أبرزها التحسن الملحوظ في سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، إلى جانب حالة من الاستقرار النسبي في أسعار السلع والخدمات، وهو ما اعتبره مراقبون نتيجة مباشرة لخطوات استراتيجية يقودها الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، ونائبه اللواء أبو زرعة المحرمي، ضمن ما بات يُعرف بـ"معركة الإنقاذ الاقتصادي".


*تحركات مدروسة


لم تأتِ هذه النتائج من فراغ، بل جاءت نتيجة تحركات ميدانية ومتابعات دقيقة قادتها قيادة المجلس الانتقالي على المستويين السياسي والاقتصادي، واضعة في أولوياتها تحسين الوضع المعيشي للمواطن الجنوبي، وكسر الحلقة الجهنمية من التضخم وتدهور العملة وغياب الرقابة، وهي أزمات مفتعلة لطالما استخدمتها القوى اليمنية، سواء الحوثية أو الإخوانية، كوسيلة لتركيع الجنوب بعد أن عجزت عن كسره عسكريًا أو أمنيًا.


*تحسن أسعار الصرف والسلع

كما شهدت الأسواق تحسنًا تدريجيًا في سعر صرف العملة المحلية، وهو ما قابله استقرار ملحوظ في أسعار المواد الأساسية، وعودة نسبية للثقة في الحركة التجارية، خصوصًا مع إجراءات حازمة ضد المضاربين والمتلاعبين بالعملة، واتساع الرقابة على شبكات الصرافة ومنافذ التحويل.

هذا التحسن لم ينعكس فقط في الأسواق، بل بدا جليًا في خطاب الشارع الجنوبي الذي عبّر عن ارتياحه للنتائج الأولية لحزمة الإصلاحات الاقتصادية.


*الأمن الاقتصادي


من أبرز المفاهيم التي كرّستها قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي خلال هذه المرحلة، أن "الأمن الاقتصادي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الجنوبي"، وأن الحرب الاقتصادية، بأشكالها المختلفة، ليست سوى وجه آخر من أوجه العدوان المستمر على الجنوب ومشروعه الوطني. وانطلاقًا من هذه الرؤية، كثّفت الأجهزة التنفيذية والرقابية حملاتها ضد المخالفات والاحتكار والفساد المالي، وأحبطت عدة محاولات تستهدف زعزعة العملة المحلية وإغراق الأسواق بالسيولة النقدية غير القانونية.


*دور شعبي داعم


وفي موازاة التحركات الرسمية، برز دور مجتمعي متزايد في دعم جهود القيادة السياسية الجنوبية، حيث شهدت العديد من المحافظات والمراكز التجارية حملات تطوعية لمراقبة الأسعار والتبليغ عن المخالفين، كما تصاعدت الدعوات الشعبية لمقاطعة التجار المرتبطين بمنظومة صنعاء أو المشتبه بضلوعهم في شبكات المضاربة المالية.
ترافق ذلك مع تحول في المزاج العام الجنوبي الذي بدأ يستشعر لأول مرة منذ سنوات إمكانية تحقيق التعافي التدريجي، والخروج من نفق الأزمة الاقتصادية المظلمة، خصوصًا في ظل الخطاب السياسي والاقتصادي الواضح للمجلس الانتقالي والذي يربط الاستقرار الاقتصادي بالمشروع الوطني للتحرير والاستقلال.


*بيئة الاستثمار والتنمية


أنتج هذا الاستقرار النسبي حالة من الانفتاح التجاري وعودة النشاط في بعض القطاعات الإنتاجية والخدمية، كما بدأ مستثمرون جنوبيون في الداخل والخارج بإعادة النظر في مشاريعهم، في ظل بوادر لعودة تدريجية للثقة بالبيئة الاستثمارية، خصوصًا في المدن الكبرى كعدن والمكلا.
يرى خبراء اقتصاديون أن هذه التحولات، وإن كانت في بداياتها، إلا أنها تمثل نقطة انطلاق حقيقية نحو تنمية اقتصادية مستقلة، تُدار بعقلية جنوبية خالصة، وبمعزل عن هيمنة المؤسسات المالية التابعة لمنظومة صنعاء التي وُصفت لسنوات بأنها سبب رئيسي في إغراق الاقتصاد الوطني بالديون والفساد.


*رسالة للداخل والخارج


من زاوية سياسية، تُعد هذه الإنجازات الاقتصادية رسالة موجهة بوضوح إلى المجتمعين الإقليمي والدولي، مفادها أن الجنوب ليس فقط قادرًا على الدفاع عن أرضه وهويته، بل هو أيضًا قادر على إدارة اقتصاده بكفاءة، ووضع خطط استراتيجية للخروج من الأزمات، والتوجه نحو بناء دولة مؤسسات حديثة.
ويؤكد المجلس الانتقالي الجنوبي في أكثر من مناسبة أن تحقيق الاستقرار المالي والمعيشي هو أولوية وطنية، وأن أي مشروع سياسي لا يضع تحسين حياة المواطن الجنوبي في صلب اهتماماته، هو مشروع مفرغ من مضمونه. ومن هذا المنطلق، تتواصل الجهود لتعزيز الشفافية، وتشجيع الاستثمارات، ومحاربة الفساد، وفرض سيادة القانون.


*بداية مرحلة جديدة


إن ما يتحقق اليوم في محافظات الجنوب من تحسن اقتصادي واستقرار نقدي ليس نهاية الطريق، بل بداية لمرحلة جديدة من البناء والتحول، تقودها إرادة جنوبية سياسية وشعبية موحدة. ولعل أكبر مكسب تحقق في هذه المرحلة هو استعادة الجنوبيين لثقتهم بأنفسهم وبقدرتهم على إدارة شؤونهم بعيدًا عن الوصاية والهيمنة، وهو ما يعزز التطلعات نحو بناء الدولة الجنوبية المستقلة على أسس راسخة من السيادة، والتنمية، والعدالة الاجتماعية.
المصدر/ منير النقيب