كتابات وآراء


الإثنين - 21 يوليو 2025 - الساعة 09:25 م

كُتب بواسطة : القاضي عبدالناصر سنيد - ارشيف الكاتب


وقفت أمام واحده من الازمات التي يقف أمامها القضاة حائرين تاخد من وقتهم وتفكيرهم الكثير ، قد لا يجد القضاة لمثل هكذا ازمات حلا قانونيا أو مخرجا فقهيا ناجعا مايتطلب من القضاة الاجتهاد واحيانا الارتجال لإيجاد إجراء أو حل قانوني يحفظ لميزان العداله وجهه
القضايا التي تقدم إلى المحاكم على غرار القضايا المدنيه والتجاريه وقضايا تقسيم الميراث تستند مثل هذه القضايا على اثباث الحق بواسطة المستندات او مايحب جمهور أهل القانون أن يطلق عليه بالقضايا المستنديه ، ولكن مثل هكذا قضايا تحمل احيانا بعض المفاجآت الغير ساره على غرار أن يأتي المدعي وهو صفر اليدين من المستندات وبادعاء بأن مثل هكذا مستندات هي بيد وبحوزة الغريم في ظل نفي الغريم وجود مثل هكذا مستند بحوزته ، مثل هذا الأمر قد يضع القاضي أمام صداع مزمن لا ينفع معه شرب المسكنات .
القاعده الفقهيه العامه والتي تقول بان البينه على من ادعى فهي تلزم المدعي من حيث الوجوب على ضرورة تقديم البينه على اي شكل كانت لاثباث صحة دعواه سواء كان هذا الاثباث على هيئة بصائر أو مستندات بيده أو كان على هيئة عقود ملكيه صرفت له من قبل الدوله او اكتسب ملكيتها من خلال خاصية الشراء من خلال تقديم المستندات الاصليه فقط و ألا أصبحت دعواه عباره عن عريضة بنيت على عبارات انشائيه لا قيمه قانونيه لها وتدخل ضمن دائرة لحن القول أو مايدور في فلكها ، وعلى الغريم يقع عبء النفي بتقديم مابيده من حجج تنفي صحة ادعاء المدعي ، ولكن عندما تغيب مثل هكذا مستندات أو تظهر على هيئة صور فالصوره قانونا لاتقوم مقام الأصل فالصوره ليس لها أي حجيه بالاثباث مالم تكن مرافقه للأصل
في ظل اتهام متبادل بين اطراف الخصومه بوجود مثل هذه الحجج عند هذا الطرف أو ذاك ، يفترض بالقاضي وفقا لقاعدة البينه على من ادعى إلزام المدعى تقديم مالديه من بينه فإذا عجز توجه القاضي إلى المدعى عليه بتقديم مالديه من نفي فإذا عجز الطرفان اتخذ القاضي قرارا مسببا برفض الدعوى شكلا .
ليس من الحكمه أن يلزم القاضي سواء عن طريق الترغيب أو الترهيب أحد أطراف الخصومه بإحضار المستندات حتى لا يفقد القاضي الحياد الذي يفترض قانونا أن يكون عليه و يخالف القانون ضمنا لان هكذا إكراه وان كان بأسلوب ناعم قد يكون سببا موجبا لرد القاضي على اعتبار بأن القاضي قد انحاز فعليا لصالح طرف ضد الطرف الآخر ، فالاصل أن القانون لايلزم ولايعطي الحق للقاضي في التحرك لجمع الدليل أو الحجه لصالح طرف ضد طرف اخر في الوقت الذي يجب أن يبادر فيه اطراف الدعوى الى تقديم مثل هذه الحجج طواعية وعلى القاضي تقع سلطة تقدير قوة المستند وحجيته
القضاء في شمال البلاد يستند نوعا ما على الفقه الشرعي على حساب الفقه القانوني لذلك دأب القضاة في المحافظات الشماليه على إجازة مثل هكذا أكراه من خلال إلزام المدعى عليه بإحضار مابيده من مستندات في حال عجز المدعي عن إحضار مثل هكذا مستندات علما بأن الفقه الشرعي و الفقه قانوني على حد سواء لايجيز مثل هكذا إكراه ، لأن الأساس الذي تقوم عليه المنازعات هو حسن النيه وعلى المدعي والمدعى عليه اثباث حسن نيتهما من خلال هذه المشارعه بتقديم الحجه من قبل المدعي لاثباث دعواه أو حجة المدعى عليه لنفي الدعوى مادون ذلك يفتح أبواب المنازعات الفرعيه والتي قد تصل إلى قاعات المحكمه العليا.
المنازعات الفرعيه والتي تتعلق بالجانب الاجرائي أو الشكلي هي منازعات لاتخدم اي من طرفي الخصومه فهي تتسبب في وقف النظر في الدعوى الاصليه لأن ملف الدعوى الاصليه يغادر المحكمه الأدنى درجه برفقة الطعن الفرعي الى المحكمه الأعلى درجه للفصل في موضوع الطعون على المنازعات الفرعيه والتي تكون قيد النظر لدى المحاكم الأعلى درجه لسنوات ولايعود ملف الدعوى الاصليه إلى محكمة أول درجه حتى تنتهي بحكم يتعلق فقط في الجانب الاجرائي او الشكلي من دون أن يمس هذا الحكم اصل الحق، لهذا يجب على القضاة عدم إلالتفات إلى مناشدات هذا الطرف أو ذاك بالزام الطرف الآخر بتسليم مابيده من مستندات فهذه المناشدات عباره عن متاهة فخ قانوني يراد من خلاله إطالة أمد التقاضي وكفى بالله حسيبا
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد