كتابات وآراء


الجمعة - 13 يونيو 2025 - الساعة 06:09 م

كُتب بواسطة : القاضي عبدالناصر سنيد - ارشيف الكاتب


تساءلت دائما من المسئول عن العيوب المصنعيه التي تزين نصوص القانون ؟ والغرض من وجود هذه العيوب ، خصوصا إذا أخدنا بعين الاعتبار بأن وجود مثل هذه العيوب لا يخدم العداله ومن أمثلة هذه النصوص ما جاء في نص الماده 72,73 من قانون الاحوال الشخصيه رقم 20 لسنة 1992 والتي تتعلق حصرا بالخلع ، فصناع القانون في بلادنا قد ربطوا حدوث الخلع بحدوث أمرين لابد منهما وهو رضى الزوج كشرط أساسي والفديه التي تقدمها الزوجه للزوج مقابل الخلع كشرط ثانوي وكما يقال دائما ان الشيطان يكمن في التفاصيل فوجدت نفسي مكرها و مضطرا إلى تسليط الضوء على هذه التفاصيل على امل تجميد هذا النص ولو بشكل مؤقت لحين إصلاح النص من العيوب المصنعيه لاسيما بأن المحامين قد استغلوا مثل هذه النص وبشكل معيب لقد فسر المحامين الفديه الذي يجب على المخالفه دفعها بتفسير مغال و يتعارض ضمنا مع القاعده الشرعيه امساك بمعروف أو تسريح بإحسان حيث ترجم المحامون مصطلح الفديه بأن معناه الشرعي والقانوني "أموال" تكون الكلمه العليا في تحديد مقدارها للزوج ولو تجاوزت قيمتها المطلوبه المعقول أو أن تتنازل المخالعه كرها عن عقار او قطعة ارض تحت يدها وما إلى ذلك على سبيل العوض مقابل حصول المخالعه على الخلع ، فإردت أن أبين احكام الشريعه الاسلاميه في موضوع الخلع.
الخلع اصطلاحا هو نوع خاص من أنواع الطلاق حيث تفتدي المخالعه نفسها بفديه مقابل أن يفارقها زوجها ويسمى مثل هذا الطلاق بالطلاق مقابل المال ، وقد جاء ذكر الخلع ضمنيا في قوله تعالى ﴿الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمساكٌ بِمَعروفٍ أَو تَسريحٌ بِإِحسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُم أَن تَأخُذوا مِمّا آتَيتُموهُنَّ شَيئًا إِلّا أَن يَخافا أَلّا يُقيما حُدودَ اللَّهِ فَإِن خِفتُم أَلّا يُقيما حُدودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيهِما فيمَا افتَدَت بِهِ تِلكَ حُدودُ اللَّهِ فَلا تَعتَدوها وَمَن يَتَعَدَّ حُدودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ﴾ [البقرة: ٢٢٩] كما جاء ذكر الخلع في السنه النبويه المباركه في الحديث الذي رواه البخاري وغيره، عن ابن عباس وغيره، في شأن زوجة ثابت بن قيس حين أرادت الخلع منه بعدما كرهت المقام معه، فسألها النبي عليه الصلاة والسلام هل هي راضيه بأن تعيد لزوجها البستان الذي دفعه مهرا لها فرضيت بذلك وردت إليه البستان فأمره بطلاقها رغم أن الحديث يشير و بوضوح الى أن الخلع قد تم برد المهر فقط دون غيره إلا أن فقهاء الشريعه الاسلاميه قد خاضوا في مقدار الفديه فقد قال الامام مالك والشافعي وأبو حنيفه بجواز أن تفادي المراه نفسها بما تراضياه عليه كان أقل مما أعطاها أو أكثر منه "المهر" . وروي هذا عن عثمان بن عفان وابن عمر وقبيصة والنخعي مع أن ظاهر الحديث ان المصطفى عليه الصلاة والسلام قد أجاز الخلع برد المهر المسمى بينهما فقط .
القاعده الاساسيه التي تحكم العلاقات بين الزوجين هي امساك بمعروف أو تسريح بإحسان فالدين الاسلامي قد يسر اجراءات الزواج وكذلك يسر إجراءات الطلاق لما فيه من مصلحه ومنفعه تعود على أطراف عقد الزواج والذي وصفه الله تبارك وتعالى بالميثاق الغليظ ، فالفديه الذي أشار إليها تبارك وتعالى في القران الكريم قد جائت مفصله في نص الايه ٢٢٩. من سورة البقره ليس لها سوى معنى واحد وهو المهر دون غيره وفعل الرسول في حديث ثابت بن قيس قد جاء موافقا وتأكيدا على هذا المعنى، فاحكام الخلع قد حسمت بنص ايه كريمه وفعل الرسول عليه الصلاة والسلام و أما ما جاء من اجتهاد علماء المسلمين فقد جاء هذا الاجتهاد من باب التيسير فقط فقد اجمع الفقهاء على جواز الفديه ولكن الخلاف انحصر حول قيمة الفديه الافتراضيه وان اتفقا ضمنا على أن تدفع المخالعه ماتراضياه عليه سواء كان أقل من المهر المتفق عليه أو مساوئ للمهر المتفق عليه أو أكثر قليلا من المهر المتفق عليه على اعتبار أنه جاء بمثابة اتفاق صلح رضائي وليس على سبيل إلواجب ، ولكن ما يحدث في هذا الايام من مطالبة الزوج لزوجته بمبلغ يعادل عشرة أضعاف المهر المتفق عليه أو الضغط على المخالعه باتجاه تجريدها من ملكية عقار او ملكية قطعة ارض تحت ستار الفديه مقابل الحصول على الخلع.
فانا و من هذا المقام ادعوا دائرة الاحوال الشخصيه في المحكمه العليا للجمهوريه بتجميد العمل بنص الماده 72,73. من قانون الاحوال الشخصيه النافد فورا او على أقل تقدير إصدار تعميم ملزم لقضاة المحاكم تفسر بموجبه مصطلح الفديه مع تحديد دقيق لمقدارها بما يتوافق مع مقاصد الشريعه الاسلاميه وفقا لقاعدة لاضرر و لا ضرار بما يحفظ للعداله وجهها المشرق وكفى بالله حسيبا
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد