كتابات وآراء


السبت - 24 مايو 2025 - الساعة 04:53 م

كُتب بواسطة : القاضي عبدالناصر سنيد - ارشيف الكاتب


هناك من الشباب من يرتجل بالأحلام طالما و أن الحق بالحلم مكفول يحلم في ان يصبح يوما ما محامي من طراز رفيع يشار اليه بالبنان و يتسابق لخطب وده الجن قبل الانس تقديرا لقدراته و مهارته في تحويل القضايا الخاسره الى انجازات باهره ومايلحق ذلك من تدفق الشهره بصحبة الاموال أما البعض الاخر فتذهب أحلامه بعيدا في اتجاه آخر مغاير ، يحلم في الدخول إلى المعهد العالي للقضاء ليرتدي عباءة القاضي السوداء ويتوسد كرسي القضاء ويقضب حاجبيه بين الحين والآخر تعبيرا عن لحظات من التركيز العميق يحاول من خلالها دراسة مختلف العلوم القانونيه والشرعيه لمواجهة ما قد يعرض عليه في المستقبل من ملفات القضايا التي تتطلب من القاضي بعضا من الصبر و الحكمه و الكثير من الصلابه ، فالقاضي يمثل دائما ذلك الحضن الدافئ الذي ياوي اليه الجميع بحثا عن العداله والامان ،
يمتلك الشباب الخطط الجاهزه التي يمكن الاعتماد عليها على الاقل حسابيا في الوصول السريع الى كرسي القضاء فقد يصل البعض منهم الى الهدف المنشود ، وقد يفشل الكثير منهم في الوصول، ولكن اقول لمن وصلوا منهم هل فكرتم ماذا ستفعلون بعد الجلوس على كرسي القضاء واخد نفس عميق كناية على النجاح ولكن هل فكرث قليلا أن هذا الكرسي الذي جلست عليه لتوه هو كرسي ملئ بالأحزان والهموم و حتما ستسمع وانت تتوسد على هذا الكرسي الوثير الى صدى صراخ الناس وهو يتردد في قاعات المحكمه وستذرف أمام ناظريك قطرات من الدموع و سترى بام عينيك الوجوه ذاتها وهي تتلون والاقوال ذاتها وهي تتغير . ستدرك يوما بأن هذا الكرسي قد سرق منك على حين غفله كل وقتك واسر عقلك ومحى عن قصد ابتسامتك و بعثر بهدوئك و استهلك نحوا من رصيد صحتك .
كثير من الشباب قد يكتفي بحلم الوصول وما يترتب عليه من حق التباهي ، فبعد انتهاء مراسم الاحتفالات ومايتبعها من شياكه وصور سيلفي لتوثيق هذه اللحظات المميزه ، سيبداء الشباب في وضع اولى الخطوات نحو الحياة العمليه حيث ستختفي جميع النظريات و تظهر التطبيقات و التفسيرات المختلفه لنصوص القانون ، سيجدون انفسهم لامحاله امام تضارب نصوص القانون مع الواقع و في مواجهة مباشره مع المئات من الملفات سواء تعلقت هذه الملفات بحقوق افراد او حقوق مؤسسات او حقوق شركات . الجامعات قد تحشوا دماغ الشباب بما تيسر من علوم ونظريات القانون ولكن يظل مثل هذا الحشوا حكرا على الجانب النظري فقط ولكن القضاء هو المدرسه التي تتعلم في فصولها كيف تجعل من النص القانوني الجامد ينبض بالحياة ، فالقاضي هو من يجعل دمائه تجري في نصوص القانون وهو من يعطي لهذا النصوص نحو من مشاعره و نحوا من انسانيته ليجعل من هذه النصوص تبصر وترى بعين القاضي و تسمع وتنصت باذن القاضي و تنطق هذه النصوص بالحكم بلسان القاضي .
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد