الخميس - 22 مايو 2025 - الساعة 01:23 ص بتوقيت اليمن ،،،
الرؤية الجنوبية/خاص
صرح عمرو البيض، الممثل الخاص للرئيس عيدروس الزبيدي، بأن "22 مايو لن يبقى ما دام 21 مايو ينبض". جاء ذلك في منشور له على منصة "إكس" بمناسبة الذكرى 31 لفك الارتباط، حيث دافع عن تجربة والده علي سالم البيض.
رؤية علي سالم البيض للوحدة اليمنية
أشار عمرو البيض إلى أن قرار والده خوض تجربة الوحدة اليمنية في مايو 1990 لم يكن مجرد خطوة سياسية، بل كان يعبر عن رؤية قومية عميقة تسعى لتجاوز الانقسام العربي وتطبيق فكرة الوحدة بشكل ملموس. وتابع أن البيض كان يحمل مشروعًا يتجاوز اليمن، متطلعًا إلى أن تكون وحدة الشمال والجنوب نواة لمشروع عربي أكبر، لطالما ظل حبيس التنظير في أدبيات القومية العربية.
تصريحات البيض في قمة بغداد 1990
ذكر عمرو البيض أن والده قال أمام القادة العرب في قمة بغداد عام 1990، بعد أيام من إعلان الوحدة: "جربنا الاشتراكية في الجنوب، والرأسمالية في الشمال، فلا هذه بنتنا ولا تلك. وبنينا جيوشًا ضد بعضنا، لا ضد العدو. ولو عدنا إلى النفط، لكان سلاحًا يستخدمه كل منا ضد الآخر." واعتبر عمرو البيض أن هذه اللحظة كانت نادرة من الصراحة السياسية، أعلن فيها البيض خيبة الأمل من النماذج المستوردة ودعا إلى مشروع عربي نابع من الواقع.
تحديات الوحدة اليمنية وانتهائها
واجهت رؤية البيض تحديات الواقع بسرعة، حيث ظهرت تصدعات بنيوية في الكيان الموحد، وغابت آليات واضحة لتقاسم السلطة والثروة. وسيطرت النزعة المركزية من صنعاء، مما عمّق أزمة الثقة وأضعف فكرة الشراكة. تحولت الوحدة من أمل إلى عبء سياسي واقتصادي، وانتهت بحرب 1994 وتجدد النزعة الانفصالية.
قيمة التجربة اليمنية ودروسها
يرى عمرو البيض أن قيمة هذه التجربة تكمن في أنها لم تكن مجرد محاولة سياسية فاشلة، بل "لحظة ديالكتيكية في مسار الوعي القومي العربي". لقد كشفت أن الفكرة القومية، مهما بدت نبيلة، لا يمكن أن تصمد دون عدالة وشفافية وشراكة متوازنة، وأن رفع شعار "الوحدة" لا يغني عن بناء الثقة ولا يبرر تجاوز الخصوصيات الوطنية.
ومع ذلك، لا ينبغي النظر إلى هذه التجربة كمجرد "فشل"، بل كمختبر تاريخي لفهم تعقيدات الفكرة القومية. لقد بينت أن الدولة الوطنية ليست خصمًا للوحدة، بل أساسها، وأن المشروع العربي يجب أن يُبنى على احترام الفروقات لا طمسها، وعلى التكامل الطوعي لا الإلحاق القسري.
نهاية المشروع القومي بصيغته التقليدية
اعتبر عمرو البيض أن تجربة علي سالم البيض كانت آخر المحاولات الجادة لإحياء الفكرة القومية من داخل الواقع العربي، لكنها في الوقت ذاته كشفت أن المشروع القومي العربي بصيغته التقليدية قد بلغ نهايته. لم يعد ممكنًا تجاهل حقيقة أن هذا الخطاب، الذي وُلد في زمن الاستعمار والانقلابات، لم يعد قادرًا على مواكبة تعقيدات الدولة الوطنية الحديثة ولا طموحات شعوبها.
وشدد على أن الرهان على القومية العربية كان يجب ألا يعني تجاوز الدول الوطنية أو إنكار هويتها، بل الانطلاق منها لبناء مشروع عربي أكثر نضجًا وعدلاً واتصالًا بالشعوب. فالتجربة اليمنية أثبتت أن الوحدة لا تُفرض، بل تُبنى.
إعادة تعريف المشروع العربي
خلص عمرو البيض إلى أن التفكير في أي مشروع عربي اليوم لا يمكن أن يستند إلى أوهام التوحيد القسري أو النوستالجيا السياسية، بل ينبغي أن يبدأ من القواعد الواقعية: من احترام التنوع، ومن الاعتراف بأن الدولة الوطنية ليست عقبة، بل ركيزة. واختتم سؤاله: "فهل آن الأوان لنعيد تعريف المشروع العربي من خلال ما هو قابل للبناء، لا من خلال ما هو محكوم بالتخييل؟"