كتابات وآراء


الثلاثاء - 30 يوليو 2024 - الساعة 03:28 م

كُتب بواسطة : القاضي عبدالناصر سنيد - ارشيف الكاتب


تفاجئت مثل الكثيرين بانطفاء التيار الكهربائي عن مدينة عدن ليخرج علينا الناطق الإعلامي باسم الموسسه العامه للكهرباء ليخبرنا ببعض النكات عن خروج منظومة الكهرباء عن الخدمه ، نتيجة راجع كهربائي بسيط تمكن بدعاء الوالدين من إخراج منظومة الكهرباء برمتها عن الخدمه ، فتساءلت لماذا راجع الكهرباء يتقن بتلك المهاره اخراج منظومتنا الكهربائيه عن الخدمه ؟ لماذا لم تطيب آذاننا بسماع دوي مثل هذا الراجع يطيح بمنظومة الكهرباء الاوروبيه على سبيل المثال ، علما بأن العاصمه الفرنسيه قد غرقت بالظلام الدامس قبل يومين أثناء اليوم الأول من الأولمبياد نتيجة حدوث خلل فني وكذلك يحدث ذات الأمر في معظم دول العالم لماذا في بلادنا تخرج المنظومه بثواني ولا تعود الا بجلسة زار تستغرق الساعات التي بلغت ستة وثلاثون ساعه اما بنفاد مخزون الوقود أو بفعل الراجع،،
هذا الخروج الطويل للمنظومه جعلنا نوعا ما نستعيد الذاكره و نعود بخفي حنين الى بداية القرن التاسع عشر الميلادي حيث لم نكن نعرف بعد الكهرباء ولم نكن نعرف الهاتف او النت ولم نكن نعرف السيارات و لم نكن نعرف الطائرات ، مع هذا الانطفاء الطويل للتيار الكهربائي فكرت في استعادة ولو بعض من نمط الحياة التي عاشها أجدادنا في القرن التاسع عشر بدء من استعادة التقسيم القديم لكريتر "الخيالي بالطبع " ولو بأسماء تقترب نوعا ما من الاسماء الحاليه فذهبت إلى اختيار بعض الأسماء مثل براري الخساف وبادية القطيع وقبائل حارة حسين وشعب العيدروس وسوق البز وسوق الطعام ومراعي صيره وبستان الروزميت وفكرت أيضا في استعادة نظام تقسيم المياه القديم بجعل يوم لسقيا البشر ويوم لسقيا الغنم والابل ، مع الاستعانه بالقماش لبناء الخيام بديلا عن البيوت الحجريه المكلفه والاستعاضه بالسيوف والرماح بدلا من الاسلحه الناريه وإعادة شيخ القبيله إلى الحكم ومعه شوير واحد فقط بدلا من طابور المستشارين والخبراء الذين يقفون خلف العليمي ويستهلكون الموازنه العامه والبلاد في غاية الخراب ، كما فكرت في الاستغناء عن العملات بجميع مسمياتها بعودة نظام المقايضه في التجاره والمعاملات،،
النظام الذي كان يحكمنا كان نظام بسيط غير معقد كنا نعيش في توافق لانعرف سلطه ولا معارضه ولم تكن هناك أحزاب تاكل بعقولنا لتأكل البلاد من خلالنا فقد كانت شربة ماء مع تمرات معدودات تملاء معدتنا ولم نكن نعرف طريق للبروست ولم نتعلم بعد صناعة صانونة الهواء بكل الوانها الشهيه ولم يكن هناك أي وجود لنظام البسط أو النزاعات على الأراضي إذ يلتزم كل انسان بحدود الخيمه التي يسكن فيها وكانت النزاعات تنحصر فقط حول ارض المراعي وان حدث لاسمح الله نزاع فشيخ القبيله يتكفل بحله والعجيب بأن مثل هذا الحل يتم تنفيذه فورا ليس مثل مايحدث في زماننا فالنزاع يبقى معروضا على القضاء لسنوات تائها بين محكمه أعلى ومحكمه أدنى ، ولم يكن لدينا بنك مركزي يطلع لنا المراره مره بعدم وجود سيوله ومره بعدم قدرته على صرف الرواتب ، ولم تكن لدينا وقتها عمله فيها صورة شخص مقطوع اليدين ولم تكن لدينا محلات صرافه تصدع رؤوسنا بارتفاع السعودي وانخفاضه ولم نكن نمتلك دوله بالمعنى الحديث لم تكن لدينا قوات امنيه أو جيش جرار ولم نمتلك سفارات مليئه بالخبراء لم يكن لدينا طابور طويل من أصحاب المعالي والسعاده والكرافات من يستهلكون تحت مسميات عديده معظم الموازنه بينما عامة الشعب يتسلى بالفتات ،،
الحياة كانت نوعا ما بسيطه وجميله لم نسمع فيها سوى قصص الحب على غرار قصة قيس وليلى أو قصائد عصماء في الشعر على غرار قصائد المتنبي ولم نعرف مكان نذهب إليه بحثا عن الراحه والهدوء سوى المسجد لقد كانت حياة رائعه نشكر إلموسسه العامه للكهرباء بأن جعلتنا خلال هذه سويعات نستعيد لحظات جميله من الماضي،،
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد
قاضي في محكمة صيره الابتدائيه